٢ ـ إن قيام الساعة (أي حدوث وقت القيامة) في أسرع من لمح البصر دليل واضح على قدرة الله التامة ، فهو سبحانه القدير على كل شيء ، وهو الذي يقول للشيء : (كُنْ فَيَكُونُ). قال الزجاج : لم يرد أن الساعة تأتي في لمح البصر ، وإنما وصف سرعة القدرة على الإتيان بها ؛ أي يقول للشيء : (كُنْ فَيَكُونُ).
٣ ـ إن من نعمه تعالى ومن مظاهر قدرته خلق الناس من بطون أمهاتهم ، لا علم لهم بشيء ، ثم تزويدهم بوسائل المعرفة والعلم ، وهي السمع والأبصار والأفئدة ، فبها يعلمون ويدركون. فالسمع لسماع الأوامر والنواهي ، والأبصار لرؤية آثار صنع الله ، والأفئدة للوصول بها إلى معرفة الله. وذلك كله لشكر نعم الله وإبصار آثار صنعته. والآية دليل على أن الإنسان خلق في مبدأ الفطرة خاليا عن معرفة الأشياء ، ثم تأتي المعارف والعلوم بالتعلم بواسطة الحواس التي هي السمع والبصر.
٤ ـ ومن مظاهر قدرة الله ووحدانيته جعل الطير قادرة على التحليق والطيران في الجو (وهو ما بين السماء والأرض) وهي مذللة لأمر الله تعالى ، وما يمسكها في حال القبض والبسط والاصطفاف إلا الله تعالى ، وتلك علامات وعبر ودلالات على القدرة الإلهية ، لقوم يؤمنون بالله وبما جاءت به رسله ، فإنه لو لا خلق الطير على وضع يمكنه الطيران ، وخلق الجو على حالة يمكن الطيران فيه ، لما أمكن ذلك.