من القطن والكتّان والصوف وغيرها ، وسرابيل الحرب : الدروع ، والسربال يعم كل ما يلبس (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد. (بَأْسَكُمْ) المراد هنا حربكم ، أي تقيكم الطعن والضرب وهي الدروع. والبأس في الأصل : الشدة. (كَذلِكَ) كإتمام هذه النعم التي تقدمت. (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) في الدنيا ، بخلق ما تحتاجون إليه. (لَعَلَّكُمْ) يا أهل مكة وأمثالكم. (تُسْلِمُونَ) توحدون الله ، أي لعلكم تنظرون في نعم الله ، فتؤمنون به ، أو تنقادون لحكمه.
سبب النزول :
نزول الآية (٨٣):
(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) : أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد : أن أعرابيا أتى النبيصلىاللهعليهوسلم ، فسأله ، فقرأ عليه : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) قال الأعرابي : نعم ، ثم قرأ عليه : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) قال : نعم : ثم قرأ عليه كل ذلك ، وهو يقول : نعم ، حتى بلغ (كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) فولّى الأعرابي ، فأنزل الله : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ، ثُمَّ يُنْكِرُونَها ، وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ).
المناسبة :
هذه باقة أخرى من فضائل الله ونعمه على بني آدم ، ومن دلائل التوحيد ، فبعد أن ذكر الله تعالى ما منّ به على الناس من خلقهم وما خلق لهم من مدارك العلم ، ذكر ما امتن به عليهم مما ينتفعون به في حياتهم ، من أمور أخرى غير دوابهم ، من بيوت السكن المبنية من الحجارة وغيرها ، والخيام أو بيوت الشعر المصنوعة من جلود الأنعام ، والأصواف والأوبار والأشعار التي تصنع منها الملابس والأثاث (المفروشات) والأمتعة التي يتجر بها ويعاش من أرباحها ، والحصون والقلاع والمعاقل في الجبال ، والثياب الواقية من الحر والبرد ، والدروع والجواشن (١) الحامية من السلاح في الحرب.
__________________
(١) الجواشن : جمع جوشن وهو الدرع.