التفسير والبيان :
هذا امتنان آخر بما أنعم الله على عبيده بالإيواء في المساكن فقال : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ ..) أي والله جعل لكم بيوتا هي سكن لكم ، تأوون إليها ، وتسترون بها ، وتنتفعون بها بسائر وجوه الانتفاع.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ ..) أي وجعل لكم أيضا من جلود الأنعام المعروفة بيوتا أي من الأدم ، في السفر والحضر ، تستخفون حملها يوم سفركم وانتقالكم ويوم إقامتكم ، وهي الخيام والقباب ، يخف حملها عليكم في الأسفار.
وجعل من أصواف الغنم ، وأوبار الإبل ، وأشعار المعز ما تتخذونه أثاثا لبيوتكم ، تكتسون به ، وتنتفعون به في الغطاء والفراش ، وجعل لكم منها متاعا تتمتعون به من جملة الأموال والتجارات ، إلى أجل مسمى وزمن معين في علم الله ، فإنه يتخذ من الأثاث البسط والثياب وغير ذلك ، ويتّخذ مالا وتجارة ، وهذا كله بحسب عرف العرب في الماضي ، وإن تغير الحال اليوم. فالأثاث : متاع البيت من الفرش والأكسية.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) أي ومن نعمه تعالى أن جعل لكم من الأشجار والجبال وغيرها ظلالا تستظلون بها من شدة حر الشمس ، وشدة عصف الرياح.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) أي وجعل لكم من الجبال حصونا ومعاقل ومغارات وكهوفا ونحوها ، تأمنون فيها من العدو أو حر الشمس أو البرد.
(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ ..) أي وجعل لكم ثيابا من القطن والكتّان والصوف ونحوها ، تقيكم شدة الحر ، أي والبرد ، لكن ذكر الحر لحاجة العرب في بلادهم الحارة إلى اتقاء الحر ، وما يقي الحر يقي البرد.