(فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها) فيه استعارة القدم للرسوخ في الدين والتمكن فيه ، لكون الثبات يكون عادة بالقدم ، ثم شبه الانحراف عن الحق بزلل القدم ، وهو تشبيه المعنوي بالانزلاق الحسي بطريق الاستعارة.
(يُضِلُ وَيَهْدِي) بينهما طباق ، وكذا بين (يَنْفَدُ) و (باقٍ).
المفردات اللغوية :
(بِالْعَدْلِ) قال ابن عطية : العدل : فعل كل مفروض من عقائد وشرائع وسير مع الناس في أداء الأمانات ، وترك الظلم ، والإنصاف وإعطاء الحق. والإحسان : فعل كل مندوب إليه (١).
وذكر البيضاوي أن العدل : التوسط في الأمور اعتقادا ، كالتوحيد المتوسط بين التعطيل والتشريك ، والقول بالكسب المتوسط بين محض الجبر والقدر ، وعملا كالتعبد بأداء الواجبات المتوسط بين البطالة والترهب ، وخلقا كالجود المتوسط بين البخل والتبذير. والإحسان : إحسان الطاعات ، وهو إما بحسب الكمية كالتطوع بالنوافل ، أو بحسب الكيفية ، كما قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الشيخان عن عمر : «الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك».
والخلاصة : إن العدل : الإنصاف ، والإحسان : إتقان الأعمال والتطوع بالزائد عن الفرائض ، ومقابلة الخير بأفضل منه ، والشر بأقل منه.
(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) إعطاء القرابة حقهم من الصلة والبر ، وخص ذلك بالذكر اهتماما به و (الْفَحْشاءِ) كل قبيح قولا أو فعلا ، ويشمل الزنى والسرقة وشرب المسكرات والطمع ونحو ذلك من المذموم (وَالْمُنْكَرِ) ما أنكره الشرع واستقبحه العقل السليم ، كالكفر والمعاصي من الضرب الشديد والقتل وغمط حقوق الناس ، ونحو ذلك (وَالْبَغْيِ) ظلم الناس ، والاستعلاء عليهم وتجاوز الحد ، وخصه بالذكر اهتماما ، كما بدأ بالفحشاء اهتماما بها (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) تتعظون.
جاء في المستدرك عن ابن مسعود : وهذه أجمع آية في القرآن للخير والشر. وكانت سبب إسلام عثمان بن مظعون رضياللهعنه ، ولو لم يكن في القرآن غير هذه الآية ، لصدق عليه أنه تبيان لكل شيء وهدى ورحمة للمؤمنين.
(بِعَهْدِ اللهِ) العهد : كل ما يلتزمه الإنسان باختياره ، ويدخل فيه الوعد والبيع والأيمان وغيرها (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ) نقض اليمين : الحنث فيها ، والأيمان هنا : مطلق الأيمان أو أيمان
__________________
(١) البحر المحيط : ٥ / ٥٢٩