لذا قال في آخر الآية : (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) وسماه الله لباس الجوع والخوف ؛ لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآية إلى وجوب الإيمان بالله وبالرسل ، وإلى عبادة الله وحده ، وشكره على نعمه وآلائه الكثيرة ، وإلى أن العذاب الإلهي لا حق بكل من كفر بالله وعصاه ، وجحد نعمة الله عليه.
وهذا إنذار ووعيد لأهل كل قرية اتصفوا بالظلم أي بالكفر والمعاصي ؛ إذ لا ظلم أشد من ظلم الكفر والمعصية ، في حق الله تعالى.
والعذاب أو العقاب من جنس العمل ، فإن أهل هذه القرية لما بطروا بالنعمة ، بدلوا بنقيضها ، وهو محقها وسلبها ، ووقعوا في شدة الجوع بعد الشبع ، وفي الخوف والهلع بعد الأمن والاطمئنان ، وفي انعدام موارد العيش بعد الكفاية.
الحلال الطيب والحرام الخبيث من المأكولات
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩))