ثم أنبأنا الله تعالى عن تمام علمه بالمخلوقات أولهم وآخرهم ، فقال : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ..) أي والله لقد علمنا كل من تقدم وهلك من لدن آدم عليهالسلام ، ومن هو حي ، ومن سيأتي إلى يوم القيامة.
(وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ..) أي وإن ربك هو الذي يجمعهم جميعا ، الأولين والآخرين ، من أطاع ومن عصى ، ويجازي كل نفس بما كسبت ، إنه تعالى حكيم باهر الحكمة في صنعه ، متقن الأفعال ، واسع العلم ، وسع علمه كل شيء ، فهو يفعل بمقتضى الحكمة والعلم الشامل.
فقه الحياة أو الأحكام :
ذكرت الآيات دلائل التوحيد السماوية منها والأرضية ، وبدأ بذكر الأدلة السماوية ، وأردفها بالأدلة الأرضية ، وهي ما يأتي :
١ ـ خلق النجوم العظام والكواكب الثابتة والسيارة ، وخلق بروج ومنازل لها ، وهي اثنا عشر برجا ، معروفة في علم الفلك ، قدمت ذكرها في بيان المفردات.
٢ ـ حفظ السماء من مقاربة الشيطان الرجيم أي المرجوم ، والرجم : الرمي بالحجارة أو باللسان سبا وشتما ، وهو أيضا : اللعن والطرد. قال الكسائي : كل رجيم في القرآن فهو بمعنى الشتم.
ومن حاول اختطاف شيء من علم الغيب ، قذف بجزء منفصل من الكوكب ، مشتعل النار ، فأحرقه وقتله ، قبل إلقاء ما استرقه من السمع إلى غيره.
٣ ـ الأرض مخلوقة ممهدة منبسطة تتناسب مع إمكان الحياة البشرية عليها ، وهي مثبّتة بالجبال الرواسي لئلا تتحرك بأهلها ، وفيها من النباتات المختلفة ذات المقادير المعلومة ، على وفق الحكمة والمصلحة ، وفيها أيضا أصناف المعايش من