أي وأرسلنا الرياح الخيرة تحمل السحب المشبعة بالرطوبة لإنزال الأمطار ، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ ، فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ ، فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) [الأعراف ٧ / ٥٧].
وكذلك جعلنا الرياح واسطة لتلقيح الأشجار ، بنقل طلع الذكور ولقاحها إلى الإناث ، ليتكون الثمر.
كما أننا جعلنا الرياح وسائل إزالة الغبار عن الأشجار ، لينفذ الغذاء إلى مسامّها. قال ابن عباس : الرياح لواقح للشجر وللسحاب.
(فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً ..) أي فأنزلنا من السحاب مطرا ، فأسقيناكموه أي يمكنكم أن تشربوا منه ، وأسقينا به زرعكم ومواشيكم ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الأنبياء ٢١ / ٣٠] وقال سبحانه : (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ، أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ. لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) [الواقعة ٥٦ / ٦٨ ـ ٧٠] وقال : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ، لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ ، وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) [النحل ١٦ / ١٠].
(وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) أي لستم له بحافظين ، بل نحن ننزله ونحفظه عليكم ونجعله ينابيع في الأرض ، ولو شاء تعالى لأغاره وذهب به ، ولكن من رحمته أبقاه لكم في طول السنة ، لشرب الناس والزروع والثمار والحيوان ، فالتخزين يكون في السحاب وفي جوف الأرض.
ثم أخبر الله تعالى عن قدرته على بدء الخلق وإعادته فقال : (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ..) أي ونحن نحيي الخلق من العدم ، ثم نميتهم ، ثم نبعثهم كلهم ليوم الجمع ، ونحن نرث الأرض ومن عليها ، وإلينا يرجعون : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص ٢٨ / ٨٨].