جعل الشيء على مقدار معين ، وأسند الملائكة التقدير لأنفسهم مع أنه هو فعل الله تعالى ، لما لهم من القرب والاختصاص به.
(الْغابِرِينَ) الباقين في العذاب ، أي بقيت امرأته في العذاب لكفرها. (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ) أي لوطا. (قالَ) لوط لهم. (مُنْكَرُونَ) أي لا أعرفكم. (بِما كانُوا فِيهِ) أي قومك. (يَمْتَرُونَ) يشكّون ، وهو العذاب. (لَصادِقُونَ) في قولنا.
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) اذهب بهم ليلا. (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بجزء أو طائفة من الليل. (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) امش خلفهم أو على إثرهم. (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) لئلا يرى عظيم ما ينزل بهم ، أو يطلع على أحوالهم ، فيرى من الهول ما لا يطيقه ، أو فيصيبه ما أصابهم. (حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) إلى حيث أمركم الله ، وهو الشام أو مصر ، ففيه تعدية الفعل : (وَامْضُوا) إلى حيث ، وتعدية : (تُؤْمَرُونَ) إلى ضميره المحذوف. (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) أوحينا إلى لوط. (أَنَّ دابِرَ) آخر. (مَقْطُوعٌ) مهلك مستأصل. (مُصْبِحِينَ) حال ، أي يتم استئصالهم في الصباح ، أي عند طلوع الصبح.
(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) مدينة سدوم ، وهي مدينة قوم لوط ، أي جاء قوم لوط لما أخبروا أن في بيت لوط مردا حسانا وهم الملائكة. (يَسْتَبْشِرُونَ) حال ، طمعا في فعل الفاحشة بهم ، والاستبشار : إظهار السرور. (فَلا تَفْضَحُونِ) في ضيفي ، والفضيحة : إظهار ما يوجب العار ، فإن من أسيء إلى ضيفه فقد أسيء إليه. (وَاتَّقُوا اللهَ) في اقتراف الفاحشة. (وَلا تُخْزُونِ) ولا تذلون بسببهم ، والخزي : الذل والهوان أي لا تلحقوا بي ذلا بقصدكم إياهم ، بفعل الفاحشة بهم ، أو لا تخجلوني فيهم ، من الخزاية وهو الحياء.
(أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) أي عن إضافتهم أو إجارة أحد منهم ، أو لم تمنع بيننا وبينهم ، فإنهم كانوا يتعرضون لكل غريب ، وكان لوط يمنعهم عنه بقدر وسعه. (هؤُلاءِ بَناتِي) يعني نساء القوم ، فإن نبي كل أمة بمنزلة أبيهم ، أو هؤلاء بناتي فتزوجوهن. (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) أي قضاء الوطر. (لَعَمْرُكَ) يكون بفتح العين حال القسم ، وهو قسم من الله تعالى بحياة المخاطب وهو النبي صلىاللهعليهوسلم ، أي وحياتك ، والعمر : بفتح العين وضمها : الحياة. (سَكْرَتِهِمْ) غوايتهم. (يَعْمَهُونَ) يترددون. (الصَّيْحَةُ) صيحة جبريل ، وهي الصاعقة ، قال ابن جرير : وكل شيء أهلك به قوم فهو صيحة وصاعقة. (مُشْرِقِينَ) وقت شروق الشمس ، أي داخلين في وقت الشروق.
(عالِيَها) أي قراهم. (سافِلَها) بأن رفعها جبريل إلى السماء وأسقطها مقلوبة إلى الأرض ، فصارت منقلبة بهم. (سِجِّيلٍ) طين متحجر ، طبخ بالنار ، وهو لفظ معرّب. (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور. (لَآياتٍ) دلالات على وحدانية الله. (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) للناظرين المتفكرين