المعتبرين. (وَإِنَّها) قرى قوم لوط. (لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) على طريق قومك قريش إلى الشام ، بنحو واضح لم تندرس آثارها ، يمر بها الناس ويرون آثارها ، أفلا يعتبرون بها. (لَآيَةً) لعبرة.
(لِلْمُؤْمِنِينَ) بالله ورسله.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى دلائل التوحيد ، وأحوال القيامة ، وصفة الأشقياء والسعداء ، أتبعه بذكر قصص الأنبياء عليهمالسلام ليكون سماعها مرغبا في الطاعة الموجبة للفوز بدرجات الأنبياء ، ومحذرا عن المعصية لاستحقاق دركات الأشقياء. وكان ذكر هذه القصص تفصيلا للوعد والوعيد ، فبدأ أولا بقصة إبراهيم عليهالسلام للبشارة بغلام عليم ، ثم ذكر إهلاك قوم لوط ، لاقترافهم جريمة فاحشة ما سبقهم بها أحد من العالمين.
التفسير والبيان :
وأخبرهم يا محمد عن ضيوف إبراهيم المكرّمين ، وهم الملائكة الذين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط ، فقالوا حين دخلوا عليه : سلاما ، أي سلاما من الآفات والآلام والمخاوف. وكان إبراهيم عليهالسلام يكنى : أبا الضيفان.
فقال إبراهيم للضيوف : إنا خائفون منكم ؛ لدخولهم عليه بلا إذن ، أو لما رأى أيديهم لا تمتد إلى ما قربه إليهم من الضيافة ، وهو العجل السمين الحنيذ (المشوي بالحجارة المحماة). وهذا يعني أنهم يبيتون شرا ، كما قال تعالى : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ ، نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) [هود ١١ / ٧٠].
فأجابوه بقولهم : (لا تَوْجَلْ) لا تخف ، وفي سورة هود : (لا تَخَفْ ، إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) [٧٠] فهذا تعليل النهي عن الوجل في تلك السورة ، وأما هنا فعللوا ذلك بقولهم : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) أي أتينا لبشارتك بميلاد غلام ذي علم وفطنة وفهم لدين الله ؛ لأنه سيكون نبيا ، وهو إسحاق عليه