وهذا كله ، وهم غافلون عما يراد بهم ، ويحيط بهم من البلاء ، وما ذا يصبحهم من العذاب المستقر ، لهذا قال تعالى لمحمد صلىاللهعليهوسلم أو قالت الملائكة للوط : (لَعَمْرُكَ ، إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي أقسم بحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا أيها الرسول ـ وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع ـ إنهم في غوايتهم يتحيرون ، فلا يلتفتون إلى نصيحتك ، ولا يميزون بين الخطأ والصواب. و (سَكْرَتِهِمْ) ضلالتهم ، و (يَعْمَهُونَ) يترددون أو يلعبون.
قال ابن عباس : ما خلق الله وما ذرأ ، وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلىاللهعليهوسلم ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره.
ثم أخبر الله تعالى عن نوع عذابهم فقال : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ) أي فنزل فيهم صيحة جبريل عليهالسلام : وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها ، فقوله (مُشْرِقِينَ) أي داخلين في الشروق وهو بزوغ الشمس. وكان ابتداؤها من الصبح وانتهاؤها حين الشروق ، لذا قال أولا (مُصْبِحِينَ) ثم قال هنا (مُشْرِقِينَ).
وأخذ الصيحة : قهرها لهم وتمكنها منهم ، وقد أدت بهم إلى رفع بلادهم إلى عنان السماء ، ثم قلبها وجعل عاليها سافلها ، وإرسال حجارة السجيل عليهم. والصيحة : صوت شديد مهلك من السماء.
وهذا ما تضمنه قوله تعالى : (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها ، وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) أي جعلنا عالي المدينة وهو ما على وجه الأرض سافلها أي في أعماقها ، فانقلبت عليهم ، وأنزل تعالى عليهم حجارة من طين متحجر طبخ بالنار.
يظهر مما سبق أن الآية ذكرت أنه تعالى عذبهم بثلاثة أنواع من العذاب هي :