أخرج الشيخان وأحمد عن أنس بن مالك رضياللهعنه أنه قال : «قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال : الذي أمشاهم على أرجلهم ، قادر على أن يمشيهم على وجوههم».
وأخرج الترمذي : «إن الناس يكونون ثلاثة أصناف في الحشر : مشاة ، وركبانا ، وعلى وجوههم» وفي معناه أخرج الإمام أحمد عن حذيفة بن أسيد ، قال : قام أبو ذر فقال : يا بني غفار ، قولوا ولا تحلفوا ، فإن الصادق المصدوق حدثني : أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج : فوج راكبين طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار».
(مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ ، كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) أي منقلبهم ومصيرهم إلى جهنم ، كلما سكن لهيبها زدناهم لهبا ووهجا وجمرا ، بأن تأكل جلودهم ولحومهم وتفنيها ، فيسكن لهبها ، ثم يبدلون غيرها ، فترجع ملتهبة مستعرة ، ويتكرر الإفناء والإعادة ، ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم بالبعث ، كما قال تعالى : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) [النبأ ٧٨ / ٣٠].
وعلة تعذيبهم ما قال تعالى : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا ..) أي إن ذلك الجزاء والعقاب الذي جازيناهم به من البعث عميا وبكما وصمّا هو جزاؤهم الذي يستحقونه على كفرهم بالله تعالى ، وتكذيبهم آياته أي أدلته وحجته على وجوده ووحدانيته وعلى البعث ، وعلى قولهم منكرين وقوع البعث : أإذا كنا عظاما نخرة ورفاتا بالية وترابا منتشرا ، نعود خلقا جديدا آخر؟ أبعد ما صرنا إلى ما صرنا إليه من البلى والهلاك ، والتفرق والذهاب في أنحاء الأرض ، نعاد مرة ثانية؟
فنبههم الله على قدرته على البعث بأنه خلق السموات والأرض ، فقال :