آية ، فلم يبل لهم ثوب ولم تغير صفة ، ولم ينكر الناهض إلى المدينة إلا معالم الأرض والبناء ، ولو كانت في نفسه حالة ينكرها لكانت عليه أهمّ.
١١ ـ بعد الرقاد والتقليب أيقظهم الله من نومهم على ما كانوا عليه من هيئاتهم في ثيابهم وأحوالهم ، وليصيروا إلى التساؤل فيما بينهم عن مدة نومهم ، فقال بعضهم : (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وقال آخرون : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ).
١٢ ـ دل قوله تعالى : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً ..) الآية على مشروعية الوكالة ، وعلى حسن السياسة والتلطف في دخول المدينة وخروجها وشراء الطعام من أهلها ، حتى لا يعلم أهل المدينة بهم ، فيقتلوهم بالحجارة ، وهو أخبث القتل.
والوكالة معروفة في الجاهلية والإسلام ، وقد وكل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض الصحابة في تزويجه من بعض النسوة ، ووكل عروة البارقي في شراء أضحية ، ووكل علي بن أبي طالب رضياللهعنه أخاه عقيلا عند عثمان رضياللهعنهما.
والوكالة عقد نيابة أذن الله سبحانه فيه للحاجة إليه ، وقيام المصلحة في ذلك ؛ إذ ليس كل أحد يقدر على تناول أموره إلا بمعونة من غيره ، أو بترفّه ، فيستنيب من يريحه. ودل القرآن في غير هذه الآية على جواز الوكالة ، مثل قوله تعالى : (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) [التوبة ٩ / ٦٠] وقوله : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) [يوسف ١٢ / ٩٣].
والوكالة جائزة عند الجمهور لمن له عدر ومن لا عذر له ، وقال أبو حنيفة وسحنون : لا تجوز لمن لا عذر له. ودليل الجمهور حديث البخاري عن أبي هريرة المتضمن توكيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إعطاء بعض أنواع الإبل وفاء لدينه ، وقال : «ان خيركم أحسنكم قضاء».