الفرس ، فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف المسمى بيردوس أو خردوس ، كما ذكر البيضاوي.
والخلاصة : إن بختنصّر هو الذي أغار على بني إسرائيل أولا فخرّب بيت المقدس ، وكان ذلك في زمن إرميا عليهالسلام ، وهذا موافق لتأريخ اليهود ، أما في المرة الثانية فإن المغير هو بيردوس ملك بابل ، كما ذكر البيضاوي ، وهو أسبيانوس ، قيصر الروم كما ذكر اليهود في تاريخهم ، وكان بين الإغارتين نحو من خمس مائة سنة.
ثم فتح الله تعالى باب الأمل أمامهم مرة أخرى ، فقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي لعل ربّكم أن يرحمكم يا بني إسرائيل ، ويعفو عنكم بعد انتقامه منكم في المرة الثانية من تسليط الأعداء عليكم ، إن تبتم وأقلعتم عن المعاصي ، فيصرفهم عنكم ، وقد وفى الله بوعده ، فأعزّهم بعد الذّلة ، وأعاد لهم الملك ، وجعل منهم الأنبياء.
ثم أنذرهم الله بقوله : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) ، أي وإن عدتم إلى الإفساد والمعاصي في المرة الثالثة ، عدنا إلى إذلالكم ، وتسليط الأعداء عليكم وعقوبتكم بأشدّ مما مضى في الدّنيا ، مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنّكال ، ولهذا قال تعالى :
(وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) ، أي مستقرّا وسجنا لا محيد عنه ، كما قال ابن عباس ، وقال الحسن البصري : فراشا ومهادا وبساطا ، كما قال تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ ، وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف ٧ / ٤١] ولأن العرب تسمّي البساط الصغير حصيرا.
والخلاصة : إن لبني إسرائيل بسبب عصيانهم ذلّ الدّنيا وعذاب جهنّم في الآخرة. وهذا عبرة لكلّ مخالف أوامر الله تعالى.