الصفة الأولى :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ، فَأَعْرَضَ عَنْها ، وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) أي لا أحد أظلم ممن أعرض عن آيات الله ، ونسي ما قدم من الكفر والمعصية ، أو لا ظلم أعظم من كفر من يشاهد الآيات والبينات الدالة على الحق والإيمان ، ثم يعرض عنها ، ومع إعراضه عن التأمل في الدلائل والبينات يتناسى ما قدمت يده من الأعمال المنكرة والمذاهب الباطلة ، وعلى رأسها الكفر بالله ، والمراد من النسيان التشاغل والتغافل عن كفره المتقدم.
الصفة الثانية :
(إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) أي وعلة إعراضهم ونسيانهم بسبب جعل أغطية وغشاوة على قلوب هؤلاء ، لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان ، وجعل صمم معنوي في آذانهم عن الرشاد وسماع الحق وتدبره.
(وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) أي وإن دعوت يا محمد هؤلاء إلى دعوة الحق والهداية والاستقامة ، فلن تجد منهم استجابة ، ولن يهتدوا بهديك هدي القرآن أبدا مهما قدمت من الدلائل وتأملت الخير منهم.
وذلك كله لفقدهم الاستعداد لقبول الإيمان والرشاد ، بما أصروا عليه من الكفر والعصيان ، كما جاء في آيات أخرى مثل قوله تعالى : (كَلَّا ، بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين ٨٣ / ١٤] وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ ، وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ، وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [البقرة ٢ / ٧]. وهذه الآيات هي في قوم علم الله أنهم سيموتون على الكفر من مشركي مكة.
ثم ذكر الله تعالى ما يتصف به من رحمة وحلم وإرجاء للعقاب عن العصاة ، وأنه لا يعجل لهم العذاب ، تاركا الفرصة لهم ليتوبوا ، فقال :
(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) أي