(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ ...) أي واذكر أيها النبي حين قال موسى لفتاه لا أزال سائرا حتى أصل إلى المكان الذي فيه مجمع البحرين ، ولو أني أسير حقبا أي دهرا من الزمان. والحقب : ثمانون أو سبعون سنة ، والمراد : زمان غير محدود من الدهر.
والمقصود بموسى في رأي أكثر العلماء هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل صاحب المعجزات الظاهرة وصاحب التوراة.
وفتاه : هو يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف عليهالسلام ، وقد كان خادما لموسى ، ويسمى الخادم فتى في لغة العرب.
و (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) : هو مكان اجتماع البحرين وصيرورتهما بحرا واحدا ، وهما في رأي الأكثرين بحر فارس والروم ، أي ملتقى البحر الأحمر بالمحيط الهندي عند باب المندب ، وقيل : إنه ملتقى بحر الروم والمحيط الأطلنطي ، أي ملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي عند مضيق جبل طارق عند طنجة. وهو المكان الذي وعد فيه موسى بلقاء الخضر.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) أي فلما وصلا مجمع البحرين مكان اللقاء مع العبد الصالح ، نسيا حوتهما ، فاتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكا ، وغطاه الماء ، حتى صار كالقنطرة عليه ، وكان ذلك للحوت سربا ، ولموسى وفتاه عجبا.
(فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ : آتِنا غَداءَنا ، لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) أي فلما تجاوز موسى وفتاه يوشع مجمع البحرين حيث نسيا الحوت فيه ، وسارا بقية اليوم والليلة ، وفي اليوم التالي في ضحوة الغد أحس موسى بالجوع ، فقال لفتاه : آتنا غداءنا ، لقد لقينا تعبا من ذلك السفر.