فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك ، فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر ، حتى إذا متّ طويت صحيفتك ، فجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج لك يوم القيامة».
(اقْرَأْ كِتابَكَ ، كَفى بِنَفْسِكَ ...) ويقال لك حين تلقى كتابك : اقرأ كتابك أي كتاب عملك في الدنيا ، كفى بنفسك حاسبا تحسب أعمالك وتحصيها. كان الحسن إذا قرأها قال : يا بن آدم ، أنصفك ـ والله ـ من جعلك حسيب نفسك. والقائل : هو الله تعالى على ألسنة الملائكة.
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ...) أي إذا كان كل واحد مختصا بعمل نفسه ، فمن اهتدى إلى الحق والصواب واتبع شرع الله وهدي النبوة ، فإنما ينفع نفسه ، ومن ضلّ في عمله وحاد عن شرع الله وكفر به وبرسله ، فإنما يضرّ نفسه ؛ لأن ثواب العمل الصالح مختص بفاعله ، لا يتجاوزه إلى غيره ، وعقاب العمل السيء ملازم صاحبه ، لا يفارقه.
ثم أكد تعالى معنى الشق الثاني بقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تتحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى ، بل على كل نفس إثمها دون إثم غيرها ، أو لا يحمل أحد ذنب أحد ، ولا يجني جان إلا على نفسه.
وهذا ردّ واضح على الذين يحرضون غيرهم على ارتكاب المنكر ، واقتراف الكفر ، ويزعمون أنهم يتحملون عاقبة ذلك. روي عن ابن عباس : أن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال : اكفروا بمحمد وعليّ أوزاركم.
وهو ردّ أيضا على الجاهليين الذين كانوا يقولون : نحن لا نعذب في شيء ، وإن كان هناك عقاب فهو على آبائنا ، إذ نحن مقلدوهم فقط ، ويؤكد ذلك قوله تعالى : (قُلْ : لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا ، وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [سبأ ٣٤ / ٢٥].
وتقرير مبدأ المسؤولية الشخصية من مفاخر الإسلام ومبادئه التي صححت