مفهوم العقاب عند الرومان والعرب وغيرهم ، إذ كانوا يعاقبون غير المجرم.
ويتضاعف العقاب والإثم على دعاة الضلال بسبب تأثيرهم في الآخرين ، دون إعفاء من يتبعونهم في ضلالهم من الوزر والعقاب ، لقوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [النحل ١٦ / ٢٥] وقوله سبحانه : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت ٢٩ / ١٣] فعلى الدعاة إثم ضلالتهم في أنفسهم ، وإثم آخر بسبب إضلالهم غيرهم.
(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) أي لكن مقتضى العدل والحكمة والرحمة أننا لا نعذب أحدا في الدنيا أو الآخرة على فعل شيء أو تركه إلا بعد إنذار ، ولا نعاقب الناس إلا بعد إعذار وبعث الرسل إليهم ، لإقامة الحجة عليهم بالآيات المبينة للأحكام والحلال والحرام والثواب والعقاب ، كما قال تعالى : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟ قالُوا : بَلى ، قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ..) [الملك ٦٧ / ٨ ـ ٩] وقال عزوجل : (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ ، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ، قالُوا : بَلى ، وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر ٣٩ / ٧١] ونحو ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى لا يدخل أحدا النار إلا بعد إرسال الرسول إليه ، ودعوته إلى الخير ، وتحذيره من الشرّ.
وأما كيفية وقوع العذاب بعد إرسال الرسل فهي كما أخبر تعالى :
(وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ...) أي إذا دنا وقت إهلاك قوم بعذاب الاستئصال أمرنا مترفيها بالطاعات والخيرات ، أي الأمر بالفعل ، فإذا خالفوا ذلك الأمر وفسقوا وخرجوا عن الطاعة وتمردوا ، حق أو وجب عليهم العذاب جزاء وفاقا لعصيانهم ، فدمرناهم تدميرا وأبدناهم إبادة تامة ، شملت جميع أهل