تلك البلدة. والمترف : هو المتنعم ، وهو أولى بالشكر من غيره وأوجب عليه. ودمرناها : استأصلناها بالهلاك.
والإبادة الشاملة بسبب الأمر العام لجميع المكلفين ، أغنياء كانوا أو فقراء ، مترفين كانوا أو غير مترفين ، لكن خصّ الأمر بالمترفين ؛ لأنهم القادة وغيرهم تبع لهم ، وشأن العامة والأتباع تقليد الكبراء والزعماء دائما. قال ابن عباس في قوله : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها ، فَفَسَقُوا فِيها) أي سلطنا أشرارها ، فعصوا فيها ، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب ، وهو كقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها) [الأنعام ٦ / ١٢٣].
ثم أنذر الله تعالى كفار قريش وأمثالهم في تكذيبهم رسوله محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن كثيرا من الأمم وجب عليهم العذاب بذنوبهم ، فقال : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ ...) أي وكثيرا ما أهلكنا أمما من بعد نوح عليهالسلام إلى زمانكم لما بغوا وعصوا ، وجحدوا آيات الله ، وكذبوا رسله ، كما أنتم الآن ، وأنتم أيها المكذبون لستم أكرم على الله منهم ، وقد كذبتم أشرف الرسل وأكرم الخلائق ، فعقوبتكم أولى وأحرى.
وهذا وعيد وتهديد لمكذبي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل زمان بشديد العقاب ، وفيه دلالة على أن القرون التي مضت بين آدم ونوح كانت على الإسلام ، قال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام.
(وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) أي وكفى بالله خبيرا بذنوب خلقه مطلعا عليها ، يحصي عليهم أعمالهم ومعاصيهم ، فلا يخفى عليه شيء من أفعال المشركين وغيرهم ، وهو عالم بجميع أعمالهم خيرها وشرها ، لا يخفى عليه منها خافية. والخبير : العليم بهم ، والبصير : الذي يبصر أعمالهم. وفي هذا تنبيه