زعمكم البنات ، وأنتم تئدوهن ولا ترضونهن لأنفسكم. ثم يشدد الإنكار عليهم قائلا : إنكم في زعمكم أن لله ولدا ، وهو من الإناث اللاتي تأنفون أن يكن لكم ، لتفترون على الله الكذب ، وتقولون على الله قولا عظيما إثمه ، موجبا العذاب عليكم ، منافيا لأبسط مبادئ العقول بنسبة الضعيف للقوي ، والقوي للضعيف. (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم ٥٣ / ٢٢] أي جائرة.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَقالُوا : اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا ، تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً ، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً ، لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم ١٩ / ٨٨ ـ ٩٥].
ثم نبّه الله تعالى إلى كون هذه المناقشة وذلك الكلام غاية في الوضوح بقوله : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا ...) أي ولقد بينا في هذا القرآن الحجج والبينات والمواعظ ، وأوضحنا الأمثال لهم ، وحذرنا وأنذرنا ليتعظوا وينزجروا عما هم فيه من الشرك والظلم والإفك ، وهم مع ذلك ما يزيدهم التذكير إلا نفورا عن الحق وبعدا عنه.
ثم رد الله تعالى على المشركين الذين يتخذون شريكا لله ، فقال :
(قُلْ : لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ ...) قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يزعمون أن لله شريكا من خلقه ، ويتخذون مع الله إلها آخر : لو كان الأمر كما تقولون ، وأن الله معه آلهة تعبد لتقرب إليه ، وتشفع لديه ، لكان أولئك المعبودون المتخذون آلهة يعبدونه ، ويتقربون إليه ، ويبتغون إليه الوسيلة والقربة بعبادتهم ، فاعبدوه أنتم وحده ، كما يعبده من تدعونه من دونه ، ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه ، فإنه تعالى لا يحب ذلك ولا يرضاه ، بل يكرهه ويأباه ، وقد نهى عن ذلك على ألسنة أنبيائه ورسله ، ثم نزه نفسه الكريمة عن ذلك فقال :