قال : وكان يخرج إلى حاجته ، فإذا قضاها ، أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم ، أبطأ عليها ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أيوب عليهالسلام أن (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) فاستبطأته ، فالتفتت تنظر ، فأقبل عليها ، قد أذهب الله ما به من البلاء ، وهو على أحسن ما كان ، فلما رأته ، قالت : أي ، بارك الله فيك ، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ، فو الله القدير على ذلك ، ما رأيت رجلا أشبه به منك ، إذ كان صحيحا ، قال : فإني أنا هو ، وكان له أندران : أندر للقمح ، وأندر للشعير ، فبعث الله تعالى سحابتين ، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض ، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير حتى فاض».
(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ، هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) أي قلنا له : اضرب برجلك الأرض ، فركض (ضرب) فنبعت عين جارية ، فاغتسل فيها ، وشرب منها ، فخرج صحيحا معافى ، بريئا من المرض.
وهذا دليل على أن مرضه كان من الأمراض الجلدية غير المعدية ولا المنفّرة ، وإنما كانت مؤذية متعبة تحت الجلد ، كالإكزيما والحكة ونحوهما ، مما يمكن شفاؤه بالمياه المعدنية أو الكبريتية المفيدة في تلك الأمراض.
وكما تمّ الشفاء من المرض أعاد الله له أهله وولده وماله ، فقد كان ذا مال جزيل وأولاد كثيرين وسعة من الدنيا ، فقال تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ، رَحْمَةً مِنَّا ، وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي منحناه أهله وضاعفناهم ، إما أن الله تعالى أحياهم بعد أن أماتهم ، والله قادر على كل شيء ، وإما أنه تعالى جمعهم له بعد تفرقهم ، وأكثر نسلهم ، وزادهم ، فكانوا مثلي ما كانوا قبل ابتلائه ، رحمة من الله به ، وتذكرة لأصحاب العقول السليمة ، والإيمان أن عاقبة الصبر الفرج ، وأن رحمة الله قريب من المحسنين ، وأن مع العسر يسرا.