التفسير والبيان :
الدليل الأول وأقسامه من العالم العلوي :
أ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أبدع وأوجد العالم العلوي من السموات والأرض إبداعا قائما على الحق والصواب ، لأغراض ضرورية وحكم ومصالح ، فلم يخلقهما باطلا وعبثا ، وجعلهما في أبدع نظام. وهذا يدل على وجود الإله القادر ، وعلى استحالة أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد ، فهو واحد ، كامل القدرة ، كامل الاستغناء عن غيره.
ب ـ (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) أي يغشي كلا منهما الآخر ، حتى يذهب ضوءه أو ظلمته ، أو يجعلهما متتابعين متعاقبين ، يطلب كل منهما الآخر طلبا حثيثا ، كقوله تعالى : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ، يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) [الأعراف ٧ / ٥٤] وقوله سبحانه : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) [الحديد ٥٧ / ٦].
وهذا دليل على كروية الأرض أولا : لأن التكوير : اللف على الجسم المستدير ، وعلى دورانها حول نفسها ثانيا ، لأن تعاقب الليل والنهار والنور والظلمة لا يتم دون دوران.
ج ـ (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي وجعلهما منقادين لأمره بالطلوع والغروب لمنافع العباد ومصالحهم ، وكل منهما يسير في فلكه إلى منتهى دورته ، وإلى وقت معين محدود في علم الله ، وهو انتهاء الدنيا ، ومجيء القيامة ، كما قال تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٤].
وذيّل الآية بالدلالة على المراد وهو إثبات كمال القدرة الإلهية مع الترغيب في طلب المغفرة ، فقال :