(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أي قال المؤمن لجلسائه ابتهاجا وسرورا بما أنعم عليهم من نعيم الجنة الدائم : أنحن مخلّدون منعّمون أبدا ، فلا نموت إلا الموتة الأولى الحادثة في الدنيا ، ولسنا معذّبين كما يعذّب الكفار أصحاب النار؟
هذه حال المؤمنين وصفتهم وما قضى الله لهم ألا يذوقوا إلا الموتة الأولى ، بخلاف الكفار ، فإنهم فيما هم فيه من العذاب يتمنون الموت كل ساعة. والمؤمن يقول هذا القول تحدثا بنعمة الله واغتباطا بحاله وبمسمع من قرينه توبيخا له ، يزداد به عذابا ، وأما المؤمن فيسعد ويغبط نفسه بالخلود في الجنة ، والإقامة في النعيم ، بلا موت ولا عناء.
(إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) أي إن هذا النعيم الدائم المقيم وهذا الفضل العميم الذي نحن فيه لهو النجاح الباهر ، والفوز الأكبر الذي لا يوصف ، ولمثل هذا النعيم والفوز ، ليعمل العاملون في الدنيا ، ليحظوا به ، لا أن يعملوا فحسب لحظوظ الدنيا الفانية ، المقترنة بالمخاطر والآلام والمتاعب الكثيرة. والخلاصة : أن المطلوب هو العمل للآخرة وللجنة الخالدة ، لا أن يقصر العمل على المكاسب الدنيوية فقط.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن عذاب الكفار والمجرمين أمر حق وعدل ومؤكد الوقوع.
٢ ـ هذا الجزاء يكون بسبب العمل المنكر وهو الشرك والمعاصي ، وهذا رد على من قد يقول : كيف يليق بالرحيم الكريم المتعالي عن النفع والضر أن يعذب عباده؟