(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي من أضله الله ، فلم يوفقه ولم يلهمه رشده ، فلا هادي له غيره يهديه إلى الصواب والنجاة.
٦ ـ (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ ، فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ ، حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ : لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) أي أذكركم بأن تكذيب الرسل موروث لديكم من الآباء والأجداد ، فلقد بعث الله لكم أي لآبائكم يا أهل مصر رسولا من قبل موسى عليهالسلام هو يوسف بن يعقوب ، وجاءكم بالمعجزات الباهرات الدالة على صدقه ، والآيات الواضحات المبينة لدين الله وشرائعه ، فكذبتموه وكذبتم من جاء بعده من الرسل ، وما زلتم في شك من البينات ولم تؤمنوا به ، حتى إذا مات أنكرتم بعثة رسول من بعده ، فكفرتم به في حياته ، وكفرتم بمن بعده من الرسل بعد موته ، مما يدل على توارث التكذيب ، واستمرار العناد في مواجهة الرسل ، والكفر برسالاتهم.
(كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) أي مثل هذا الضلال وسوء الحال ، يكون حال من يضله الله لإسرافه في المعاصي والاستكثار منها ، وارتياب قلبه في دين الله ، وشكه في وحدانية الله ووعده ووعيده.
وصفة هؤلاء المسرفين المرتابين ما حكاه تعالى :
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي إن أولئك المسرفين المرتابين هم الذين يجادلون في آيات الله ليبطلوها ، بغير حجة واضحة ولا دليل بيّن ، ويحاربون الحق بالباطل ، كبر ذلك الجدل بغضا عند الله والمؤمنين ، لأنه جدال بالباطل لا أساس له ، أما مقت الله فهو تعذيبه العصاة ، وأما مقت المؤمنين فهو هجر الكفار وترك التعامل معهم.