فرعون ذلك تمويها. (وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ) أي ومثل ذلك التزيين ، زين له الشرك والتكذيب. (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) صدّ عن سبيل الرشاد وطريق الهدى. (تَبابٍ) خسار وهلاك ، ومنه قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) [اللهب ١١١ / ١] وقوله سبحانه : (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) [هود ١١ / ١٠١].
المناسبة :
بعد وصف فرعون بأنه متكبر جبار ، أخبر الله تعالى عن عتوه وتمرده وافترائه في تكذيب موسى عليهالسلام ، حتى بلغ به الأمر أن أمر وزيره ببناء قصر عال منيف شاهق من الآجر ، ليصعد به إلى السماء ، للاطلاع على إله موسى ، قاصدا بذلك التحدي والتمويه ، والاستهزاء بموسى وإنكار رسالته.
التفسير والبيان :
(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ، لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ، أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى ، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) أي قال فرعون الملك لوزيره هامان بعد سماع دفاع الرجل المؤمن عن موسى : يا هامان ، ابن لي قصرا مشيدا منيفا عاليا ، لعلي أصل إلى أبواب السماء وطرقها ، فإذا وصلت إليها بحثت عن إله موسى. وهو لا يريد بذلك إلا الاستهزاء منه ، وإنكار رسالته. ثم أكّد ذلك بقوله : وإني لأظن موسى كاذبا في ادّعائه بأن له إلها غيري ، وأنه أرسله إلينا. وقد قصد بذلك التمويه والتلبيس على قومه ، من أجل إبقائهم في الكفر ، واعتقادهم بأنه هو الإله ، والاستخفاف بعقولهم ، وإيهامهم بما يريد.
وهذا تصريح من فرعون بتكذيب موسى عليهالسلام في أن الله أرسله إليه ، كما قال تعالى :
(وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ، وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ، وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا