سبب النزول :
نزول الآية (٥٦):
(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ) : أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فذكروا الدجال ، فقالوا : يكون منا في آخر الزمان ، فعظّموا أمره ، وقالوا : يصنع كذا ويملكون به الأرض ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ ، إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ، ما هُمْ بِبالِغِيهِ ، فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فأمر نبيه أن يتعوذ من فتنة الدجال.
ومع أن الآية نزلت في مشركي مكة منكري البعث أو في اليهود كما تبين ، فهي عامة في كل مجادل مبطل. لكن قال ابن كثير عما ذكره أبو العالية : وهذا قول غريب ، وفيه تعسف بعيد ، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم. والأصح أن الآية نزلت في المشركين والكفار عامة.
التفسير والبيان :
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) أي إننا لنؤيد رسلنا والمؤمنين ، بأن نجعلهم الغالبين لأعدائهم ، القاهرين لهم ، في الدنيا ، وفي الآخرة حين يقوم الأشهاد من الملائكة والأنبياء والمؤمنين ، بأن يشهدوا للرسل بإبلاغ رسالاتهم ، وعلى الأمم بتكذيبهم.
والنصر في الدنيا إما معنوي وإما حسي ، فالمعنوي : كالنصر بالحجة والبرهان ، أو بالمدح والتعظيم ، أو بإعلاء الجاه وعزة السلطان ، وانتشار الدين ، كنصر داود وسليمان على من كذبوهم ، ونصر محمد صلى الله عليه وآله وسلم على من كذبه من قومه ، وجعل الدولة والسلطة له في الجزيرة العربية. والنصر الحسي يكون بالقهر والانتقام من المكذبين كإغراق قوم نوح وآل فرعون ، وقتل زعماء قريش في بدر