وأسر بعضهم ، وسلب أموالهم ، وقد يكون الانتقام بعد الموت ، كنصر أشعياء بعد هلاكه بتسليط الظلمة على أعدائه ، ونصر يحيى بن زكريا لما قتل ، قتل به سبعون ألفا.
والنصر في الآخرة : بإعلاء الدرجات في مراتب الثواب ، والتكريم بالكرامات في الجنة ، وصحبة الأنبياء ، كما قال تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ ، وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [النساء ٤ / ٦٩] ومجازاة أهل الإيمان بأعمالهم ، ومجازاة الكفار بأعمالهم ، باللعن ودخول النار ، كما في الآية التالية :
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ، وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) أي حين يقوم الأشهاد يوم القيامة ، ذلك اليوم الذي لا يقبل من المشركين اعتذارهم ولا تقديم فدية منهم ، لأن معذرتهم باطلة ، وشبهتهم زائفة ، ولهم الطرد والبعد من الرحمة ، ولهم سوء الدار وشر ما في الآخرة وهو النار ، والعذاب الأليم فيها.
وبعد بيان نصر الأنبياء في الدنيا والآخرة ، ذكر تعالى بعض مظاهر النصر في الدنيا ، فقال:
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى ، وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ ، هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي تالله لقد أعطينا موسى التوراة والنبوة ، فاشتملت التوراة على الأحكام والشرائع الهادية لقومه ، وتأيدت نبوته بالمعجزات الظاهرة كاليد والعصا ، ثم أبقينا التوراة بعد موسى عليهالسلام مع بني إسرائيل ، يتوارثها الخلف عن السلف ، هداية لهم وتذكرة لذوي العقول الصحيحة السليمة ، أو هاديا ومذكرا لأهل العقول ، كما قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ ، يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) [المائدة ٥ / ٤٤].
وإذا كان النصر مقررا للرسل والأنبياء ، فما عليهم إلا الصبر ، لذا أمر الله به نبيه قائلا :