ففي هذا التغير والانتقال دلالة على وجود الله ، ثم أتبع ذلك بدليل آخر من التغير والانتقال فقال:
(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) أي وإن الله هو القادر على الإحياء والإماتة ، والمتفرد بذلك لا يقدر عليه أحد سواه ، فإذا قضى وقدر أمرا من الأمور التي يريدها ، (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) أي يحدث فور الإرادة من غير توقف على شيء ، ولا معاناة ولا كلفة. وهذا أقصى ما يمكن به تقريب الخلق إلى الأذهان ، فإن المخلوق يوجد بسرعة فائقة جدا بمجرد تعلق الإرادة به.
فقه الحياة أو الأحكام :
أوضحت الآيات أمورا ثلاثة هي :
١ ـ النهي الجازم عن عبادة غير الله بعد قيام الأدلة على وجود الله وتوحيده ، مما صرح به القرآن في آياته ، ومما أرشد إليه العقل الصحيح في تفكيره ، والعبادة تقتضي الانقياد التام والخضوع وإخلاص الدين لله رب العالمين ، فلا أمل في عبادة الأصنام والأوثان وغيرها من أنواع الشرك. والخلاصة : نهى تعالى عن عبادة الأوثان ، ثم أمر بالاستسلام لله تعالى ، ثم أقام الدليل على الوحدانية والألوهية فيما ، مع العلم بأن والتي أصنامهم عارية عن شيء منهما بدليل تدرج ابن آدم.
٢ ـ بيان مراحل تطور الإنسان وتدرجه في التكوين والخلقة ، فأصله من تراب ، ثم يصبح نطفة فعلقة فمضغة ، ثم يولد طفلا ، ثم يشب ويقوى بدنه وعقله ، ثم يهرم ويشيخ ، وقد يموت من قبل هذه الأحوال ، ثم يحدث موت الكل. والإخبار عن تلك المراحل الانتقالية ليعقل الإنسان أنها ترشده وتعلمه أن لا إله إلا الله. آمنت بالله وحده.