البلاغة :
(ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ) أي واذكر حين يجمع ، فعل مبني للمجهول أو للفاعل وهو الله تعالى ، وقرئ : (نحشر أعداء). (يُوزَعُونَ) يساقون بعد أن يحبس أولهم ليلحق آخرهم لئلا يتفرقوا ، من وزعته : كففته ، والمراد : كثرة أهل النار. (حَتَّى إِذا ما حَتَّى) غاية لقوله : (يُوزَعُونَ) و (ما) صلة زائدة لتأكيد ارتباط المجيء بشهادة الأعضاء ، واتصال الشهادة بالحضور. (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بأن ينطقها الله فعلا ، أو تظهر عليها آثار تدل على ما اقترف بها ، فتنطق بلسان الحال.
(وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ : لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟) سؤال توبيخ أو تعجب ، والجلود : الجلود المعروفة ، وقيل : هي الجوارح أو الفروج. (قالُوا : أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي ما نطقنا باختيارنا ، بل أنطقنا الله الذي أراد نطق كل شيء ، ولو كان النطق مؤوّلا بدلالة الحال ، بقي الشيء عاما في الموجودات الممكنة. (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يحتمل أن يكون من تمام كلام الجلود ، وأن يكون استئنافا من كلام الله تعالى ، كالذي بعده. والمعنى : إن القادر على إنشائكم ابتداء ، وإعادتكم بعد الموت أحياء ، قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم.
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ..) أي ما كنتم تتسترون وتستخفون عند ارتكاب الفواحش من أن تشهد عليكم أعضاؤكم ، وما ظننتم أن أعضاءكم تشهد عليكم ، لأنكم لم توقنوا بالبعث. وفيه تنبيه على أن المؤمن ينبغي أن يشعر في كل حال بوجود رقيب عليه. (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) ظننتم ألا يعلم الله بكم ، فلذلك اجترأتم على المعاصي. (ذلِكُمْ) إشارة إلى ظنهم هذا. (أَرْداكُمْ) أهلككم. (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) إذ جعلتم ما هو سبب للسعادة سببا للشقاوة.
(فَإِنْ يَصْبِرُوا) على العذاب. (فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) مأوى. (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) يطلبوا العتبى ، أي الرضا. (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) المرضيين المجابين إلى ما يطلبون ، أي المقبولين عتابهم ، يقال : استعتبته فأعتبني ، أي استرضيته فأرضاني ، وأعتبني فلان : إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الإساءة. (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) هيأنا لهم ويسرنا شياطين الإنس والجن ، يستولون عليهم. (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمر الدنيا واتباع الشهوات. (وَما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة ، بقولهم : لا بعث ولا حساب. (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) ثبت ووجب عليهم القول بالعذاب ، وهو : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ..) الآية [هود ١١ / ١١٩] وهو القضاء المحتم. (فِي أُمَمٍ) في جملة أمم. (قَدْ