فالذي قدر على إحيائكم في المرة الأولى في الدنيا ثم إعادتكم أحياء في الآخرة ، قادر على أن ينطق الجلود وغيرها من الأعضاء.
٤ ـ يجيبون أيضا : ما كنتم تستخفون من أنفسكم ، حذرا من شهادة الجوارح عليكم ، لأن الإنسان لا يمكنه أن يخفي من نفسه عمله ، فيكون الاستخفاء بمعنى ترك المعصية.
ولقد ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا من أعمالكم ، فجادلتم على ذلك ، حتى شهدت عليكم جوارحكم بأعمالكم. وكما تكون الشهادة بالشر والسوء تكون بالخير.
ذكر أبو نعيم الحافظ عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادى فيه : يا ابن آدم ، أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل غدا عليك شهيد ، فاعمل فيّ خيرا أشهد لك به غدا ، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا ، ويقول الليل مثل ذلك».
٥ ـ وإن ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا من أعمالكم هو الذي أهلككم ، فأرداكم النار ، قال قتادة : «الظن هنا بمعنى العلم» والظن هنا قبيح فاسد. والظن الفاسد : هو أن يظن بالله تعالى أنه يعزب عن علمه بعض هذه الأحوال.
وقال قتادة أيضا : الظن نوعان : ظن منج وظن مرد ، فالمنجي : قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) [الحاقة ٦٩ / ٢٠] وقوله : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة ٢ / ٤٦]. وأما الظن المردي : فهو قوله : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ).
وقال العلماء : الظن قسمان :
أ ـ حسن : وهو أن يظن بالله عزوجل الرحمة والفضل والإحسان ، قال الله تعالى في الحديث القدسي فيما أخرجه مسلم والحاكم عن أنس : «أنا عند ظن عبدي بي».