محاسن الأعمال ، كصلة الرحم ، وإكرام الضيف ، لأن ذلك باطل لا أجر لهم فيه مع حالة الكفر.
وهذا وعيد شديد لجميع الكفار ، وتعريض بمن لا يخشع ولا يتدبر حين سماع القرآن ، فقد أمر الله عباده المؤمنين بالاستماع للقرآن والإنصات له ، فقال : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف ٧ / ٢٠٤].
ثم ذكر الله تعالى صفة ذلك العذاب قائلا :
(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ ، لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ ، جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) أي ذلك الجزاء لأقبح أعمال الكفار وهو دخول النار ، هو جزاء أعداء الله الذين كذبوا رسله ، واستكبروا عن عبادته ، لهم في النار دار الإقامة المستمرة التي لا انقطاع لها ، ويجزون ذلك جزاء بسبب جحدهم أن القرآن من عند الله تعالى ، وإنكارهم صحة آياته وسلامتها.
ثم بيّن الله تعالى ما يطلبه الكفار من الانتقام ممن أضلوهم عند الوقوع في العذاب الشديد ، فقال :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا ، لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) أي طلب الكفار من ربهم أن يريهم من أضلهم من فريقي شياطين الجن والإنس الذين كانوا يزينون لهم الكفر والمعاصي ، لكي يدوسوهم بأقدامهم ، تشفيا وانتقاما منهم ، وليكون الفريقان من الأذلين المهانين ، في الدرك الأسفل من النار ، أشد عذابا منهم ، فأجابهم تعالى في موضع آخر : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف ٧ / ٣٨]. والشياطين: إما جني وإنسي ، قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) [الأنعام ٦ / ١١٢] وقال سبحانه : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس ١١٤ / ٦].