ونوع الجزاء هو :
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ)؟ أي هل يستوي من يلقى في النار قسرا وقهرا لإلحاده بالآيات وتكذيبه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن يكون آمنا يوم القيامة من العذاب؟ وهذا استفهام بمعنى التقرير ، والمراد أن الملحدين في الآيات يلقون في النار ، وأن المؤمنين بها يأتون يوم القيامة ، فاحكموا أيها العقلاء أيّ الحالين أفضل؟!
ثم أكد التهديد للكفرة بقوله تعالى :
(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ ، إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) اعملوا أي شيء تريدون فعله من خير أو شر ، فإن الله عالم بكم ، وبصير بأعمالكم ، ومجازيكم بحسب ما تعملون ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وهذا وعيد وتهديد ، صرف فيه الأمر إلى التهديد ، قال الزجاج : لفظ (اعْمَلُوا) لفظ الأمر ، ومعناه الوعيد.
ثم أبان صفة أولئك الملحدين وجزاءهم فقال وهو أيضا تهديد :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ) أي إن الذين كفروا بالقرآن لما جاءهم ، وكذبوا به ، معذبون هالكون يجازون بكفرهم.
ثم أشاد بأوصاف ثلاثة للقرآن تنبيها للأنظار والعقول ، فقال :
(وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) أي وإن القرآن الذي يلحدون فيه عزيز عن المعارضة أو الطعن ، منيع عن كل عيب ، لا يتأتى لأحد أن يأتي بمثله ، وليس لأحد أن يبطله من جميع جوانبه ، ولا يكذبه كتاب سابق قبله ، ولا لاحق بعده ، محفوظ من النقص والزيادة ، كما قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ، وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر ١٥ / ٩] ، وإنه تنزيل من حكيم في أقواله وأفعاله ، محمود في