التفسير والبيان
(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا : لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ؟) أي لو فرض أن جعلنا هذا القرآن بغير لغة العرب أي بلغة العجم ، لقال كفار قريش : هلا بينت آياته بلغتنا حتى نفهمه ، فإنا عرب لا نفهم لغة العجم؟ وقالوا أيضا : أكلام أعجمي ومرسل إليه عربي؟
والمقصود أن القرآن عربي فلم لا يفهمونه ولا يعملون به؟! ولو نزل بلسان أعجمي لأنكروا ذلك ، وقالوا : هلا بينت آياته باللغة التي نفهمها؟ وقالوا أيضا : أكلام أعجمي والمرسل إليهم عرب؟ أي كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه؟!
ولما كان جميع القرآن عربيا في لفظه ومعناه ، ومع هذا لم يؤمن به المشركون ، دل على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت ، كما قال عزوجل : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ، ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) [الشعراء ٢٦ / ١٩٨].
ثم أبان الله تعالى هدف القرآن الكريم وغايته ، فقال :
(قُلْ : هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ) أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين القائلين : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) : إن هذا القرآن هداية لقلب من آمن به ، وشفاء لما في الصدور من الشكوك والرّيب ، كما قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء ١٧ / ٨٢].
ثم أوضح موقف المشركين من القرآن الكريم ، فقال :
(وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ ، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) أي والذين لا يصدقون بالله ورسوله ورسالته : في آذانهم صمم عن سماعه وفهم معانيه ، فهم