يذكر معه آلهتهم ، اشمأزوا ، أي نفروا وانقبضوا ، وإذا ذكرت آلهتهم مع الله سروا وفرحوا.
وذلك يدل على الجهل والحماقة ، لأن ذكر الله أساس السعادة وعنوان الخير ، وأما ذكر الأصنام وهي الجمادات ، فهو رأس الجهالة والحماقة.
قال الزمخشري : ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز ، إذ كل واحد منهما غاية في بابه ، لأن الاستبشار : أن يمتلئ قلبه سرورا حتى تنبسط له بشرة وجهه ويتهلل. والاشمئزاز : أن يمتلئ غما وغيظا حتى يظهر الانقباض في أديم وجهه.
وبعد بيان مذمة المشركين وفساد عقولهم في حبهم للشرك ونفرتهم من التوحيد ، أمر الله نبيه بالالتجاء إليه والدعاء المنجي من لوثاتهم ، فقال :
(قُلِ : اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي ادع الله قائلا : يا الله خالق السموات والأرض ، ويا عالم السر والعلانية ، أنت تفصل بين عبادك ، يوم المعاد ، فتجازي المحسن بإحسانه ، وتعاقب المسيء بإساءته ، حتى يظهر المحق من المبطل ، وترتفع خلافاتهم التي كانت بينهم في الدنيا. وفطر السموات والأرض : جعلها على غير مثال سابق.
وقوله : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) دليل على صفة الله بالقدرة التامة ، وقوله : (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ) دليل على وصف الله بالعلم الكامل ، وإنما قدم ذكر القدرة على ذكر العلم ، لأن العلم بكونه تعالى قادرا متقدم على العلم بكونه عالما.
أخرج مسلم وأبو داود وغيرهما عن عائشة رضياللهعنها قالت : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام من الليل ، افتتح صلاته : اللهم ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين