اللهِ). وإن أشد آية في كتاب الله تفويضا : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) [الطلاق ٦٥ / ٢ ـ ٣] فقال له مسروق : صدقت (١).
وروى ابن أبي حاتم عن أبي الكنود قال : مرّ عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ رضياللهعنه على قاض ، وهو يذكّر الناس ، فقال : يا مذكّر ، لم تقنط الناس من رحمة الله؟ ثم قرأ : (قُلْ : يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ، لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ).
ثم ذكر الله تعالى تقييد المغفرة بشرطين ، فقال :
١ ـ الإنابة والتوبة : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) أي ارجعوا إلى الله بالتوبة والطاعة ، واجتناب المعاصي ، والاستسلام لأمره ، والخضوع لحكمه ، من قبل مجيء عذاب الدنيا بالموت ، ثم لا تجدوا نصيرا ولا معينا يمنع عذابه عنكم ، أي قبل حلول النقمة.
٢ ـ اتباع القرآن : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي واتبعوا القرآن ، أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، والتزموا طاعته واجتنبوا معاصيه ، أي اتبعوا أوامر الله واجتنبوا نواهيه ، والقرآن كله حسن.
وذلك من قبل مجيء العذاب فجأة ، وأنتم غافلون عنه ، لا تشعرون به. وهذا تهديد ووعيد شديد واضح.
ثم حذر الله تعالى من التعلل بالأماني والتحسر على الماضي في وقت لا ينفع فيه ذلك ، فقال :
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٩