الصالحات إذا عاينوا الجنة وما فيها من نعيم مقيم وثواب وافر : الحمد والشكر لله العظيم الذي أنجزنا وعده بالبعث والثواب بالجنة ، والذي وعدنا به على ألسنة رسله الكرام ، كما دعوا في الدنيا : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ، وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) [آل عمران ٣ / ١٩٤] ، (وَقالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ، إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ، الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ ، لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) [فاطر ٣٥ / ٣٤ ـ ٣٥].
وجعلنا ملاك الجنة المتصرفين فيها ، نرث أرض الجنة ، كأنها صارت من غيرهم إليهم ، فملكوها وتصرفوا فيها ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء ٢١ / ١٠٥].
وأين شئنا حللنا ، نتخذ في الجنة من المنازل ما نشاء حيث نشاء ، فنعم الأجر أجرنا على عملنا ، ونعم أجر العاملين : الجنة. جاء في الصحيحين عن أنس رضياللهعنه في قصة المعراج ، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «أدخلت الجنة ، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ (١) ، وإذا ترابها المسك».
ثم أخبر الله تعالى عن حال الملائكة المحدقين حول العرش ، فقال :
(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ ، يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ، وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ، وَقِيلَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي وترى أيها السعيد المؤمن جماعات الملائكة محيطين محدقين بالعرش المجيد ، يسبّحون الله (ينزهون الله عن كل نقص وجور) ويمجدونه ويعظمونه ويقدسونه ، ويحمدونه ويشكرونه على أفضاله ونعمه ، قائلين : سبحان الله وبحمده.
__________________
(١) أي قباب اللؤلؤ ، مفرده جنبذة : وهي ما ارتفع من الشيء واستدار كالقبة ، يقال : مكان مجنبذ : مرتفع (لسان العرب).