٣ ـ تدل هذه الآية أيضا على حصول الشفاعة من الملائكة للمذنبين ، لأن الاستغفار طلب المغفرة ، والمغفرة لا تذكر إلا في إسقاط العقاب ، أما طلب النفع الزائد وهو زيادة الثواب للمؤمنين ، فإنه لا يسمى استغفارا.
٤ ـ قال أهل التحقيق : إن هذه الشفاعة الصادرة عن الملائكة في حق البشر تجري مجرى اعتذار عن زلة سبقت.
٥ ـ إن الدعاء في أكثر الأحوال يبدأ بلفظ «ربنا» كما فعل الملائكة في دعائهم : (رَبَّنا وَسِعْتَ .. رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ ..) ومن أرضى الدعاء : أن ينادي العبد ربه بقوله : «يا رب».
٦ ـ السنة في الدعاء : أن يبدأ فيه بالثناء على الله تعالى ، ثم يذكر الدعاء عقيبه ، بدليل هذه الآية ، فإن الملائكة لما عزموا على الدعاء والاستغفار للمؤمنين ، بدؤوا بالثناء ، فقالوا : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) وكذلك بدأ إبراهيم الخليل بالثناء أولا على الله الهادي ، الرزاق ، الشافي ، المحيي ، الغفار ، ثم قال : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٧٨ ـ ٨٣]. والعقل والأدب يدلان أيضا على هذا الترتيب.
٧ ـ وصف الملائكة الله تعالى في ثنائهم بقولهم : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) بثلاث صفات : الربوبية والرحمة والعلم ، والربوبية إشارة إلى الإيجاد والإبداع ، والرحمة إشارة إلى أن جانب الخير والرحمة والإحسان راجح على جانب الضر ، وأنه تعالى خلق الخلق للرحمة والخير ، لا للإضرار والشر.
٨ ـ قوله سبحانه : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) دليل على كونه سبحانه عالما بجميع المعلومات التي لا نهاية لها من الكليات والجزئيات.
٩ ـ اشتمل دعاء الملائكة على الخير كله وعلى أشياء كثيرة للمؤمنين وهي :