ألزم نفسه ، وعقد عزمه على الفعل ، فوجب عليه أن يؤدي ما التزم ، وأن يوفي بما عقد : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة ٥ / ١].
٤ ـ إن الوفاة على الكفر توجب الخلود في النار ، وباب التوبة والمغفرة مفتوح طوال الحياة ، فمن مات مصرا على جحوده توحيد الله عوقب بجهنم.
٥ ـ لا تجوز الدعوة إلى السلم والمصالحة أو المهادنة تذللا وإظهارا للضعف ، ما دام المسلمون أقوياء ، وإن حدثت الغلبة من الأعداء في الظاهر في بعض الأحوال ، فإن الله ناصر المؤمنين ، ولن ينتقصهم شيئا من أعمالهم.
فإذا عجز المسلمون لضعفهم عن مقاومة الأعداء ، جازت مهادنة الكفار عند الضرورة.
وكذلك إذا رأى الإمام مصلحة في المهادنة ، فله أن يفعل ذلك ، كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم في صلح الحديبية مع المشركين مدة عشر سنين.
أما إن طلب المشركون الصلح بحسن نية من غير خداع ، فلا بأس بإجابتهم ، لقوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) [الأنفال ٨ / ٦١].
وعلى هذا تكون كل من الآيتين : (فَلا تَهِنُوا وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ) محكمة غير منسوخ إحداهما بالأخرى كما قال بعضهم ، فهما نزلتا في وقتين مختلفي الحال ، فالأولى في حال قوة المسلمين ، والثانية حال طلب الأعداء الصلح.