ملكه كيف يريد ، من إعزاز وإذلال ، ورفع ووضع ، وإنعام وانتقام ، وإعطاء ومنع ، لا معقّب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل لحكمته وعدله وإطلاق سلطانه. وكلمة (تَبارَكَ) تعالى وتعاظم ، وهي تدل على غاية الكمال ومنتهى التعظيم والإجلال ، ولذا لا يجوز استعمالها في حق غير الله تعالى.
تدل الآية على أمور ثلاثة : أن الله تعالى وتعاظم عن كل ما سواه من المخلوقات ، وأنه المالك المتصرف في السموات والأرض في الدنيا والآخرة ، وهو صاحب القدرة التامة والسلطان المطلق على كل شيء.
ومن مظاهر قدرته وعلمه قوله سبحانه :
١ ـ (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) أي إنه تعالى موجد الموت والحياة ومقدرهما من الأزل ، وهو الذي جعلهم عقلاء ليدركوا معاني التكليف ويقوموا به ، وليعاملهم معاملة المختبر لأعمالهم ، فيجازيهم على ذلك ، وليعرّفهم أيهم أطوع وأخلص لله وخير عملا ، وهو القوي الغالب القاهر الذي لا يغلبه ولا يعجزه أحد ، الكثير المغفرة والستر لذنوب من تاب وأناب بعد ما عصاه وخالفه ، فهو سبحانه مع كونه عزيزا منيعا يغفر ويرحم ، ويعفو ويصفح ، كما في آية أخرى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) [الحجر ١٥ / ٤٩ ـ ٥٠].
والآية دليل على أن الموت أمر وجودي ، لأنه مخلوق. والموت : انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقتها له ، والحياة : تعلق الروح بالبدن واتصالها به ، وإيجاد الحياة معناه : خلق الروح في الكائنات الحية ، ومنها إيجاد الإنسان. والمقصد الأصلي من الابتلاء : هو ظهور كمال إحسان المحسنين.
روى ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ)