(أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ)؟ أي أيطمع هؤلاء المشركون ، وحالتهم هذه من الكفر والتكذيب والفرار من الرسول صلىاللهعليهوسلم ونفرتهم عن الحق أن يدخلوا جنات النعيم؟! كلا ، بل مأواهم جهنم ، كما قال تعالى :
(كَلَّا ، إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) أي كلا ، لا أمل في دخولهم الجنة ، فإنا خلقناهم من المني الضعيف ، كما قال تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) [المرسلات ٧٧ / ٢٠]. وهذا تقرير لوقوع المعاد والعذاب بهم الذي أنكروا حدوثه واستبعدوا وجوده ، بدليل الخلق الأول أو البداءة التي يعترفون بها ، فتكون الإعادة في تقدير البشر أهون منها ، أما بالنسبة لله عزوجل فالبدء والإعادة سواء. وبما أنهم خلقوا من الشيء الضعيف ، فهم ضعاف لا ينبغي منهم هذا التكبر.
أخرج أحمد وابن ماجه وابن سعد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ..) إلى قوله : (كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) ثم بزق رسول الله صلىاللهعليهوسلم على كفّه ، ووضع عليها أصبعه ، وقال : «يقول الله : ابن آدم ، أنّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟ حتى إذا سوّيتك وعدّلتك ، مشيت بين بردين ، وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت ، حتى إذا بلغت التراقي أتى أوان الصدقة».
ثم أنذرهم الله تعالى بالهلاك إن داموا على الكفر ، وهددهم بإيجاد آخرين مكانهم لكي يؤمنوا ، فقال :
(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ ، عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ ، وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي فأقسم بمشارق الشمس والقمر والكواكب ومغاربها كل يوم من أيام السنة ، على أن نخلق أمثل منهم ، وأطوع لله ممن عصره ، ونهلك