ثم ذكر صفات النار الأربع وهي :
١ ، ٢ ـ (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً ، وَهِيَ تَفُورُ) أي إذا طرح الكفار في نار جهنم ، كما يطرح الحطب في النار العظيمة ، سمعوا لها صوتا منكرا كصوت الحمير أول نهيقها ، أو كصوت المتغيظ من شدة الغضب ، وهي تغلي بهم غليان المرجل.
٣ ـ (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) أي تكاد أو تقترب تتقطع ، وينفصل بعضها من بعض ، من شدة غضبها على الكفار ، وحنقها بهم.
٤ ـ (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها ، أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) أي كلما طرح في جهنم جماعة من الكفار ، سألهم أعوانها وزبانيتها سؤال تقريع وتوبيخ : أما جاءكم في الدنيا رسول نذير ينذركم هذا اليوم ويخوفكم ويحذركم منه؟
فيجيبهم الكفار بقولهم من ناحيتين :
١ ـ (قالُوا : بَلى ، قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ ، فَكَذَّبْنا وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) أي أجاب الكفار قائلين : بلى جاءنا رسول من عند الله ربنا ، فأنذرنا وخوّفنا ، لكنا كذبنا ذلك النذير ، وقلنا له : ما نزّل الله من شيء على لسانك ، ولم يوح إليك بشيء من أمور الغيب وأخبار الآخرة والشرائع التي أمرنا الله بها.
وما أنتم أيها الرسل إلا في ذهاب عن الحق ، وبعد عن الصواب. فهذا على الأظهر من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين.
ونظير الآية قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها ، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ، يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ ، وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟ قالُوا : بَلى ، وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر ٣٩ / ٧١].