يشتد حتى دخل في الغنم ، وأنزل الله على رسوله بمكة : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) الآية.
وأخرج ابن سعد عن أبي رجاء العطاردي من بني تميم قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد رعيت على أهلي ، وكفيت مهنتهم ، فلما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم خرجنا هرابا ، فأتينا على فلاة من الأرض ، وكنا إذا أمسينا بمثلها قال شيخنا : إنا نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة ، فقلنا ذاك ، فقيل لنا : إنما سبيل هذا الرجل شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، من أقرّ بها ، أمن على دمه وماله ، فرجعنا فدخلنا في الإسلام ، قال أبو رجاء : إني لأرى هذه الآية نزلت فيّ وفي أصحابي : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ ، فَزادُوهُمْ رَهَقاً).
التفسير والبيان :
حكى الله عن الجن ستة أشياء وهي :
١ ـ (قُلْ : أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ، فَقالُوا : إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) أي قل يا محمد مخبرا أمتك وقومك بأن الجن استمعوا القرآن ، فآمنوا به وصدّقوه وانقادوا له ، فقد أوحى الله إلي على لسان جبريل عليهالسلام أنه استمع عدد من الجن إلى قراءتي للقرآن ، وهي سورة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) فقالوا لقومهم لما رجعوا إليهم : سمعنا كلاما مقروءا مثيرا للعجب في فصاحته وبلاغته ، ومواعظه وبركاته. والإيحاء : إلقاء المعنى إلى النفس في خفاء ، كالإلهام وإنزال الملك ، ويكون ذلك في سرعة.
والجنّ عالم مستتر عنا ، لا نعرف عنه إلا ما أخبر به الوحي ، فهم مخلوقون من النار : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) [الحجر ١٥ / ٢٧] ، ولم