(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) أي يا أيها النبي المتزمل المتلفف بثيابه انقض لصلاة الليل وهي صلاة التهجد بمقدار نصف الليل ، بزيادة قليلة أو نقصان قليل ، لا حرج عليك في ذلك. وهذا تخيير بين الثلث والنصف والثلثين. والليل : من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. وفيه دليل على أن أكثر المقادير الواجبة كان الثلثين.
أخرج أحمد ومسلم عن سعد بن هشام قال : «قلت لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالت : ألست تقرأ هذه السورة : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)؟ قلت : بلى. قالت : فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأصحابه حولا ، حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خلقتها في السماء اثني عشر شهرا ، ثم أنزل التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فرضه».
وبعد الأمر بقيام الليل أمره تعالى بترتيل القرآن قائلا :
(وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) أي اقرأ القرآن على تمهل ، مع تبيين الحروف ، فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره. وقوله : (تَرْتِيلاً) تأكيد في الإيجاب ، وأنه لا بد للقارىء منه ، ليستحضر المعاني. والترتيل : هو أن يبين جميع الحروف ، ويوفي حقها من الإشباع. وكذلك كان صلوات الله وسلامه عليه يقرأ ، قالت عائشة رضياللهعنها : كان يقرأ السورة ، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها. وفي صحيح البخاري عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : كانت مدا ، ثم قرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) يمد بسم الله ، ويمد الرحمن ، ويمد الرحيم.
ووردت أحاديث كثيرة صحيحة تدل على استحباب الترتيل وتحسين الصوت بالقراءة ، منها ما رواه الحاكم وغيره عن البراء : «زيّنوا القرآن بأصواتكم»