تغطى بها رعبا من رؤية الملك عند نزول الوحي أول مرة ، انهض ، فخوّف أهل مكة ، وحذرهم العذاب إن لم يسلموا.
(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ، وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي عظم الله وصفه بالكبرياء ، في عبادتك وكلامك وجميع أحوالك ، فإنه أكبر من أن يكون له شريك ، وطهّر ثيابك واحفظها عن النجاسات. وقال قتادة : أي طهرها من المعاصي والذنوب ، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله : إنه لدنس الثياب ، وإذا وفّى وأصلح : إنه لمطهر الثياب. وكلا المعنيين صحيح ، فإن الطهارة الحسية أو النظافة تلازم عادة الطهارة المعنوية ، أي التجرد والتباعد من المعاصي ، والعكس صحيح ، فإن وجود الأوساخ ملازم لكثرة الذنوب.
والآية دليل على تعظيم الله مما يقول عبدة الأوثان ، وعلى النظافة وتحسين الأخلاق واجتناب المعاصي.
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي اترك الأصنام والأوثان ، فلا تعبدها ، فإنها سبب العذاب ، واهجر جميع الأسباب والمعاصي المؤدية إلى العذاب في الدنيا والآخرة ، فالآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي.
والنهي عن جميع ذلك لا يعني تلبسه بشيء منها وإنما يبدأ به لكونه قدوة ، وللمداومة على الهجران ، فهو كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ ، وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) [الأحزاب ٣٣ / ١] وقوله سبحانه : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ : اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ، وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) [الأعراف ٧ / ١٤٢] فمثل هذا الخطاب للنبي يراد به الأمر بالدوام والمتابعة ، واستمرار تجنب الفساد.
(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) أي لا تمنن على أصحابك وغيرهم بتبليغ الوحي ، مستكثرا ذلك عليهم ، أو إذا أعطيت أحدا عطية ، فأعطها لوجه الله ، ولا تمنّ