العناصر الإيجابية فهي ما تحدثت عنه فاتحة السورة من تطهير النفس والعقل من الشرك والوثنية ، والاتصاف بأمثل الصفات الخلقية ، والاستعانة بالجود والصبر.
وجاء هنا دور الوقاية والحفظ الإلهي ، فالله سبحانه وقى رسوله صلىاللهعليهوسلم من أذى المشركين ، وسلاه وهدد أعظم زعماء الشرك وهو الوليد بن المغيرة ليكون عبرة لغيره.
فقد كان الوليد موقنا بقلبه ، مقتنعا بصدق النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولكنه كذب بلسانه إرضاء لهوى نفسه في حب الزعامة والرياسة والجاه ، وإيثارا للانضمام إلى صف أهل الشرك في مكة.
فبالرغم من أن الحق سبحانه أمده بالمال والبنين ، وجعله متقلبا في أعطاف الرفاه والنعيم ، ثم طمع في زيادة المال والولد ، فإنه قابل النعمة بالجحود ، والشكر بالكفران ، فكذب بالقرآن ، ولم يؤمن بأنه كلام الله تعالى ، ووصفه بأنه سحر مروي من كلام البشر المتناقل ، وعاند النبي صلىاللهعليهوسلم وما جاء به.
فحجب الله عنه زيادة النعمة ؛ لأنها لا تكون مع الكفر بالمنعم بها ، وتوعده وهدده بدخوله نار جهنم ، ذاكرا أسباب ذلك ، وهي كيفية عناده ، فإنه فكر في شأن النبي صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، وهيأ الكلام في نفسه ، ونظر بأي شيء يرد الحق ويدفعه ، وقطّب بين عينيه في وجوه المؤمنين ، وكلح وجهه وتغير لونه ، وولّى معرضا عن الحق والإيمان ، وتعظم عن أن يؤمن ، فقال : ما هذا الذي أتى به محمد صلىاللهعليهوسلم إلا سحر يأثره ويحكيه عن غيره ، وما هذا إلا كلام المخلوقين ، يختدع به القلوب كما تختدع بالسحر.
فلعن كيف فكر ، وعذب على ما قدّر ، ثم لعن لعنا بعد لعن ، واستحق الإدخال في جهنم التي وصفها الله وبالغ في وصفها بقوله ، وما أعلمك أي شيء هي؟ فهي لا تترك لهم عظما ولا لحما ولا دما إلا أحرقته ، ثم تعاود إحراقهم إلى