تسعة عشر ؛ لأن حال هذه العدّة الناقصة واحدا من عقد العشرين أن يفتتن بها من لا يؤمن بالله وبحكمته ويعترض ويستهزئ ، ولا يذعن إذعان المؤمن ، وإن خفي عليه وجه الحكمة ، كأنه قيل : ولقد جعلنا عدتهم عدة ، من شأنها أن يفتتن بها ، لأجل استيقان المؤمنين ، وحيرة الكافرين (١).
٣ ـ إن ذكر هذا العدد أدى إلى زيادة يقين الذين أعطوا التوراة والإنجيل بصحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن عدة خزنة جهنم موافقة لما عندهم ، وأدى أيضا إلى زيادة إيمان المؤمنين بذلك ؛ لأنهم كلما صدّقوا بما في كتاب الله آمنوا ، ثم ازدادوا إيمانا لتصديقهم بعدد خزنة جهنم ، وإلى نفي الشك من الذين أعطوا الكتاب والمصدّقين من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم في أن عدّة خزنة جهنم تسعة عشر ، وأدى أيضا إلى أن الذين في صدورهم شك ونفاق من منافقي أهل المدينة الذين سيظهرون بعد الهجرة ، والكافرين من اليهود والنصارى قالوا : ماذا أراد الله بعدد خزنة جهنم مثلا غريبا؟ والقصد من هذا التساؤل الصادر منهم استبعاد أن يكون هذا من عند الله وإنكار كونه من الله ، والمعنى : أيّ شيء أراد الله بهذا العدد العجيب؟
٤ ـ قوله عزوجل : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) دليل على أن الإيمان يزيد وينقص ، أي يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وهو رأي الأكثرين. وأما الذين يقولون بأن حقيقة الإيمان لا تقبل الزيادة والنقصان فيحملون الآية على ثمرات الإيمان وعلى آثاره ولوازمه. وأما نفي الارتياب عن أهل الكتاب والمؤمنين بعد إثبات الاستيقان وزيادة الإيمان لهم ، فمن باب التوكيد ، كأنه قيل : حصل لهم يقين جازم ، بحيث لا يحصل بعده شك وريب ، فإن الذي حصل له اليقين قد يغفل عن مقدّمة من مقدمات الدليل ، فيعود له الشك. وفيه أيضا تعريض
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٢٨٨