المؤمن الطامحة دائما إلى زيادة الخير والطاعة ، والإقلال من الشر والمعصية تنويها بشأنها وإخلاصها. والمناسبة بين القيامة وبين النفس اللوامة : أن المقصود من إقامة القيامة إظهار أحوال النفس اللوامة ، من السعادة والشقاوة. والقسم بهذه الأشياء عند المحققين قسم بربها وخالقها في الحقيقة ، فكأنه قيل : أقسم برب القيامة على وقوع يوم القيامة.
٢ ـ المقسم عليه هو وقوع البعث حتما لا شك فيه ، قال الزجاج : أقسم الله بيوم القيامة وبالنفس اللوامة ، ليجمعن العظام للبعث. وأكد الله تعالى قسمه بأنه القادر على أن يعيد السّلاميات على صغرها ، ويؤلف بينها حتى تستوي (١).
٣ ـ إن شأن الكافر المكذب بما أمامه من البعث والحساب أن يرتكب أعظم الآثام ، ويقتحم المعاصي دون حسبان للنتائج والمخاطر ، ودون تقدير ، لعواقب الأمور والتبعة (المسؤولية) الناجمة عنها.
٤ ـ تتبدل معالم الكون يوم القيامة ، وتظهر علامات دالة عليه ، منها حيرة البصر ودهشته من الأهوال ، وذهاب ضوء القمر دون عودة ، وذهاب ضوء الشمس والقمر معا ، أي جمع الله ، بينهما في ذهاب ضوئهما ، فلا ضوء للشمس ، كما لا ضوء للقمر بعد خسوفه.
٥ ـ إذا ظهرت علائم القيامة حار الإنسان ، وقال : أين المهرب؟ أين المفر؟ ويحتمل ذلك وجهين : أحدهما ـ أين المفر من الله استحياء منه؟ والثاني ـ أين المفر من جهنم حذرا منها؟
٦ ـ لا مفر من الله ، ولا ملجأ من النار ، ولا حصن من العذاب ، وإنما
__________________
(١) قال تعالى في آخر السورة : فَخَلَقَ فَسَوَّى أي أوجد منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة ، فسواه شخصا مستقلا.