كما تقدم وهو بارد ، وتارة بالزنجبيل وهو حار ، ليعتدل. أما المقرّبون فإنهم يشربون من كلّ منهما صرفا.
(عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) أي ويسقون من عين في الجنة تسمى السلسبيل ، سميت بذلك لسلاسة مائها ، وسهولة جريها وانحدارها وإساغتها في حلوقهم. قال ابن الأعرابي عن السلسبيل : لم أسمعه إلا في القرآن.
وقال ابن عباس : وكل ما ذكر الله في القرآن مما في الجنة ، فليس منه في الدنيا إلا الاسم.
والفائدة في تسمية العين بالسلسبيل بعد تسميتها بالزنجبيل هي أنها في طعم الزنجبيل ولذته ، ولكن ليس فيها اللذع الذي هو مناف للسلاسة.
ثم وصف خدمهم بقوله :
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) أي ويطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ، يبقون فيها على حالة واحدة من الشباب والطراوة والنضارة ، لا يهرمون ولا يتغيرون ولا يموتون ، إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج غيرهم وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، ظننتهم كاللؤلؤ المنثور ، قال ابن كثير : ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن.
شبههم بالمنثور ؛ لأنهم سراع في الخدمة ، بخلاف الحور العين ، فإنه شبّههن باللؤلؤ المكنون ؛ لأنهن لا يمتهنّ بالخدمة.
ثم أجمل نعيمهم ؛ لأنه أعلى وأعظم مما سبق ، ولأنه مما لا يحصر ولا يخطر ببال أحد ، ما دام في الدنيا ، فخاطب نبيّه صلىاللهعليهوسلم أو كل راء قائلا :
(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ ، رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) أي وإذا نظرت نظرا بعيدا