والمقصود بالقسم : التنبيه على جلالة المقسم به ، ومعروف مدى تأثير الرياح ، سواء لإنزال المطر أو لإصابة العذاب ، كما أن شرف الملائكة وعلو رتبتهم أمر ظاهر من وجوه : هي شدة مواظبتهم على طاعة الله تعالى ، ولتنوع طوائفهم ، فمنهم الموكل بإنزال الوحي على الأنبياء ، ومنهم المرسل ليلا أو نهارا لرصد أعمال بني آدم وكتابتها ، والعمل يشمل القول من اللسان والفعل الصادر من الجوارح (الأعضاء) ومنهم الموكل بقبض الأرواح ، ومنهم الذين ينزلون من البيت المعمور إلى الكعبة (١).
٢ ـ ثم ذكر الله تعالى متى يقع يوم القيامة وعلاماته (أو أشراطه) وهو يوم ذهاب ضوء النجوم ومحي نورها ، كطمس الكتاب ، وتشقق السماء (أو انفطارها) وزوال معالمها ، ونسف الجبال والذهاب بها دون بقاء أثر لها حتى تسوى بالأرض ، وجمع الرسل ليوم القيامة في الميقات المخصص لهم للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم. والخلاصة : هذه مقدمات البعث.
٣ ـ عيّن الله تعالى ميعاد جمع الرسل : وهو يوم الفصل الذي أجّلوا إليه ، فيفصل الله تعالى فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة أو إلى النار.
٤ ـ عظم الله تعالى ذلك اليوم وأشاع عنه التهويل ثلاث مرات : في قوله (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ) وقوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ؟) وقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي العذاب والخزي لمن كذّب بالله وبرسله وبكتبه وبيوم الفصل ، فهو وعيد شديد.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٠ / ٢٦٥