لهذا الدليل الواضح يستحق غاية التوبيخ.
ثم عدّ عليهم نعم الآفاق الثلاث بعد ذكر الأنفس فقال :
١ ـ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ، أَحْياءً وَأَمْواتاً) أي ألم نجعل الأرض ضامّة للأحياء على ظهرها في منازلهم ، والأموات في بطنها ، تضمهم وتجمعهم؟ قال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم. والكفات : اسم ما يكفت أي يضم ويجمع ، ويجوز أن يكون اسما لما يكفت به ، مبنيا للمفعول ، كالشداد لصمام يشد به رأس القارورة.
٢ ، ٣ ـ (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ ، وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) أي وأوجدنا في الأرض جبالا ثوابت عاليات ، لئلا تميد وتضطرب بكم ، وأسقيناكم من ينابيعها أو من السحاب ماء عذبا زلالا ، وهذا كله أعجب من البعث.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب شديد في الآخرة لمن كذب أو كفر بهذه النعم ، وويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ، ثم استمر على تكذيبه وكفره.
فقه الحياة أو الأحكام :
ذكر الله تعالى عشرة أنواع من تخويف الكفار وتحذيرهم عن الكفر ، أذكر منها هنا أربعة وهي :
النوع الأول من التخويف ـ أنه أقسم في الآيات السابقة على أن اليوم الذي يوعدون به ، وهو يوم الفصل ، واقع.
النوع الثاني ـ أنه أهلك الكفرة المتقدمين بسبب كفرهم ، وأخبر أنه يفعل مثل ذلك في الأقوام المتأخرين ، فلا بد وأن يهلكهم أيضا ، لتماثلهم مع المتقدمين في علة الإهلاك ، وهي التكذيب بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر. وذكر تعالى