(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) سجع مرصع ، وهو توافق الفواصل في الحرف الأخير.
المفردات اللغوية :
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) أي إن المؤمنين المتقين من الشرك ، الذين هم في مقابلة المكذبين ، هم في ظلال وارفة تحت أشجار متكاثفة في الجنة ؛ إذ لا شمس يظل من حرها ، وعيون ـ أي أنهار ـ نابعة بالماء ، ويتمتعون بفواكه مما يشتهون ، فهم مستقرون في أنواع الترفّه. وفيه دلالة على أن نعم الجنة بحسب الرغبة والميل ، بخلاف الدنيا تكون بحسب ما يجد الناس في الأغلب. والفرق بين الظل والفيء : أن الظل أعم من الفيء ، فيقال : ظل الليل وظل الجنة وظل الجدار ، أما الفيء : فهو ما زالت عنه الشمس.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي متهنئين ، أي يقال لهم ذلك. (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من الطاعة. (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما جزينا المتقين نجزي المحسنين. (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً ، إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) أي يقال للكفار في الدنيا تهديدا لهم : كلوا ما شئتم في الدنيا ، وتمتعوا بنعيمها مدة قليلة من الزمان يعقبها الموت ، ثم تنالون عقابكم وننتقم منكم على كفركم وتكذيبكم لرسلنا ، فإنكم مشركون بالله ، لا تستحقون الإنعام والتكريم. (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) حيث عرّضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل.
(ارْكَعُوا) صلوا. (لا يَرْكَعُونَ) لا يصلون ، واستدل به على أن الأمر للإيجاب ، وأن الكفار مخاطبون بالفروع. (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) أي بأي كلام يصدقون إذا لم يصدقوا بهذا القرآن؟ فهو معجز في ذاته ، مشتمل على الحجج الواضحة والمعاني الكريمة ، ولا يمكن إيمانهم بعدئذ بغيره من كتب الله ، بعد تكذيبهم به.
سبب النزول :
نزول الآية (٤٨):
(ارْكَعُوا ..) : أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : ارْكَعُوا ، لا يَرْكَعُونَ) قال : نزلت في ثقيف ، امتنعوا من الصلاة ، فنزل ذلك فيهم. وقال مقاتل : قال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «أسلموا» وأمرهم بالصلاة ، فقالوا : لا ننحني فإنها مسبّة علينا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود».